اختار مجلس إدارة البنك الدولى بالإجماع «ديفيد مالباس «63 عامًا»مساعد وزير الخزانة الأمريكى للشؤون الدولية، رئيسًا للبنك الذى يسعى إلى مكافحة الفقر عبر تسهيل الاستثمار.
مالباس كان المرشح الوحيد للمنصب، ولم يكن هناك أحد يرغب فى منافسة الرجل المقرب من الرئيس الأمريكى ترامب، حيث تقضى أعراف «ضمنية» بأن يتولى رئاسة المؤسسة «أمريكى»، على أن يقود «أوروبى» صندوق النقد الدولى.
وهنا مربط الفرس، فلولا هذا العرف الدولى الذى لازم البنك الدولى منذ تأسيسه عام 1944 لكان الاقتصادى المصرى البازغ عالميًا محمود محيى الدين رئيسًا للبنك، ارتقاء من موقعه الحالى النائب الأول لرئيس البنك الدولى لأجندة التنمية لعام 2030 وعلاقات الأمم المتحدة والشراكات.
هذا ليس انحيازًا عاطفيًا للاقتصادى المصرى المرموق عالميًا، ولا نوعًا من التمنى، بل حقيقة مؤكدة تبرهن عليها تقارير المؤسسات الاقتصادية العالمية التى تعرف حجم وقدر وخبرات وقدرات اقتصادى مصرى قدير استطاع إدارة البرامج التنموية للبنك، ووثق علاقات البنك بعديد من اقتصاديات الدول النامية، وحقق مردودًا طيبًا جعله من نجوم البنك الدوليين.
أقول قولى هذا وأتعجب من حرمان الاقتصاد المصرى من خبرة محمود محيى الدين الدولية، كيف يكون هناك مصرى بهذا الحجم ويتبوأ مثل هذا الموقع بكفاية وجدارة، ويجنب مصريًا، ولا يستفاد من خبراته التراكمية فى بناء اقتصاديات الدول النامية، ومصر تجتهد فى الإصلاح الاقتصادى على نحو يثير إعجاب المؤسسات الاقتصادية العالمية.
إذا سألت محمود محيى الدين «من مواليد كفر شكر فى العام 1965» عن العودة مجددًا للإسهام مصريًا ما فكر لحظة، وما تأخر ثانية، مسافة السكة كما يقولون. معلوم محيى الدين لا يتأخر عن أى دعوة أو استشارة مصرية، ودائم التواصل مع المؤسسات المصرية، والتجمعات الاقتصادية والأكاديمية، ومحاضراته تقريبًا موسمية فى الربيع المصرى.
أخشى أن الفرز الظالم الذى استنته المكارثية السياسية، التى ابتليت بها مصر فى السنوات الأخيرة، والتصنيف الظالم، ورسم بعض الوجوه بألوان بالية، هو ما يحول دون استفادة مصر من طائفة الخبراء والعلماء، الذين يسهمون عالميًا، وتحرم منهم مصر تحت مظنة سياسية جاوزها الزمن، ولكنها لم تسقط من ذاكرة عقورة لا تزال تحمل بعضًا من ثأر من هؤلاء المخلصين فى حب مصر.
ما يحول دون تبوؤ محمود محيى الدين لمكانه المستحق تمامًا مصريًا هى محض ضلالات وأضغاث أوهام، وإذا كان محمود خرج بدعوة من البنك الدولى فى العام 2010 فإن عودته مرهونة بدعوة مماثلة ليعود للإسهام فى بناء الاقتصاد المصرى، الذى يجاهد للحاق بركب الاقتصاديات الناجحة التى تخصص فيها محيى الدين ويتعاطى مع وقائعها دوليًا.
محيى الدين وأعرفه شخصيًا، وشهادتى فى حقه مجروحة، يذوب عشقًا فى حب مصر، ولا ينام حتى يطمئن على أحوال الكبيرة، ومتواصل بشكل حميمى مع الفعاليات المصرية، ولا تغيب مصر عن خاطره، وفى ظهر مصر إذا ما كان الأمر يحتاج إلى مساندة دولية، مصرى حتى النخاع.
لن أتحدث عن مؤهلات محمود محيى الدين تعرفها المنظمات العالمية، التى اختارته نائبًا لرئيس بنكها الدولى، ولا عن خبراته ولا سابقة مناصبه، كلها تشى باقتصادى ذى باع، وخبرة دولية معتبرة، ووجه مشرق مصريًا، وعنوان لبلد جبل على تصدير الموهوبين ليحملوا رسالته إلى العالم، رسالة حب وسلام ونماء، رسالة تقول أنا من هذا البلد الذى يمشى فوق الأشواك بقدمين ثابتتين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة